التحرش الجماعي بطالبة في جامعة القاهرة في 2014

من ويكي الجندر
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

حادثة التحرش الجنسي الجماعي بإحدى الطالبات في جامعة القاهرة 2014 هي حادثة تحرش جنسي "لفظيًا وجسديًا" رصدتها مبادرة شفت تحرش الحقوقية، وتعرضت لها إحدى طالبات كلية الحقوق في جامعة القاهرة، من قبل بعض الطلاب داخل حرم الجامعة، مما استدعى تدخل أمن الجامعة الذين اصطحبوا الفتاة خارج الحرم.

تصريح رئيس مبادرة "شفت تحرش"

قال فتحي فريد، مؤسس المبادرة، لمراسلة الأناضول "إن الفتاة تعرضت لأشكال مختلفة من التحرش الجنسي، بداية من الألفاظ الخادشة للحياء، ولمس الجسد عنوة، وصولاً لمحاولات تجريدها من ملابسها، الأمر الذى دفع بها إلى الهرولة داخل الحمامات المخصصة للنساء والاختباء داخلها". وأضاف: "ولم تنته الواقعة إلا بعد تدخل أمن الجامعة الذين اصطحبوها خارج الحرم الجامعي، وسط استمرار تجمهر الطلاب حول الفتاة، والصياح بعبارات جنسية وتصويرها والتعدي عليها." ولفت فتحي إلى أن هذه الواقعة ليست الأولى من نوعها، فدومًا ما تتعرض الطالبات داخل أروقة الجامعات المصرية الخاصة والعامة إلى انتهاكات جنسية وتحرش جنسي، لكن المشكلة في تفاقم ظاهرة لوم الضحية التي أصبحت متفشية في الشارع المصري.

موقف رئيس الجامعة

ألقى رئيس جامعة القاهرة، جابر نصار، باللوم على الفتاة، وقال في مداخلة تلفزيونية على قناة "أون تي في" إن "الفتاة التي تم التحرش بها، تبين أنها دخلت من أبواب الجامعة وهي ترتدي عباءة، ثم خلعتها وظهرت بملابس غير لائقة"، مؤكدًا أن الجامعة "لا تسمح بدخول الطلاب بملابس خارجة عن المألوف، ومتنافية مع الأعراف والتقاليد" وأضاف أن هذه الواقعة هي الأولى من نوعها التي وقعت داخل جامعة القاهرة"، وهو الإدعاء الذي رفضته منظمات نسوية وحقوقية وأكدت عدم صحته.

إلا أنه بعد الهجوم الذي وجه إليه بعد تصريحه، عاد نصار وأصدر بيانًا عاجلًا، حول الواقعة، جاء فيه "أؤكد بصفتي الشخصية والوظيفية إدانتي الكاملة لجريمة التحرش بالنساء، وأن هذه الجريمة يجب أن ينال مرتكبوها العقاب المستحق دون أن تتحمل الضحية أى جريرة أو لوم، فهي جريمة منكرة وغير مبررة على الإطلاق". وأضاف: "تؤكد الجامعة أن الطالبة ليست محالة إلى التحقيق، وإنما مدعوة إلى الشهادة فيما حدث، وأؤكد عن أسفي وإعتذاري عما جاء بحديثي عن ملابس الطالبة الضحية، فقد كان ذلك خطأ مرده الارتباك من خطورة ما حدث”. وتابع: “وأخيراً فإنني بشخصي وبصفتي، انضم إلى كل الجهود التى تكافح العنف ضد النساء داخل الجامعة أو خارجها.. وأرجو أن يكون ذلك اعتذاراً كافيا وتوضيحاً ملائماً عن هذا الأمر."

موقف الإعلام المصري

قامت بعض وسائل الإعلام المصرية بالتشهير بالفتاة وتحميلها المسؤولية عن واقعة التحرش. وقام الإعلامي تامر أمين، على قناة "روتانا مصرية"، بمهاجمة الطالبة التي تعرضت للتحرش الجماعي وحملها كافة المسؤلية قائلاً: "ملابسها ليس لها علاقة بلبس الطلبة ولا لبس البنات"، واصفًا إياها بـ"لبس رقاصات". وأضاف: "إزاي سمح أمن الجامعة للطالبة تدخل باللبس ده، اللبس مستفز ومثير ويفتن أكثر مما يستر، ويعري أكثر مما يغطي". تابع: "لبس الطالبة أثار الطلاب المكبوتين التعبانين فاتجمعوا نحوها فجرت منهم، ودخلت الحمام وقعدت تعيط زي اللي حصل في فيلم التجربة الدنماركية". كما عاتب كذلك الطالبات وأولياء الأمور الذين يسمحون لبناتهم بالخروج أو الذهاب الى الجامعه بمثل تلك الملابس غير الملائمة.

وأثارت تصريحات تامر أمين انتقادات حادة على مواقع التواصل الاجتماعي وصلت الى المطالبة بمحاسبته باعتباره يبرر التحرش الجنسي، فيما قام نشطاء بإطلاق صفحه علي موقع التواصل الاجتماعي "الفيس بوك"، وسموها "الحملة الرسمية للمتحرش تامر أمين".

ردود فعل المنظمات الحقوقية المصرية

أدانت العديد من الشخصيات والمنظمات النسوية والحقوقية الحادث وتصريح رئيس الجامعة. وعلقت ميرفت التلاوي في بيان على خلفية الحادثة قائلة: "نعرب عن إدانتنا الشديدة لتلك الجريمة ومثيلاتها التى تقع يومياً فى أنحاء عديدة من مصر"، معربة عن تحفظها الكامل على تصريحات رئيس الجامعة، والتى أشار فيها إلى اعتزام الجامعة إجراء تحقيق قانوني مع كلا الطرفين – الفتاة والمتحرشين – للوقوف على حقيقة الموقف وعقاب المذنب. وأضافت التلاوي منددة بثقافة لوم الضحية في تصريح نصار: "هذا التحقيق يوحي بأنه يدين كلا الطرفين"، وتساءلت مستنكرة: "هل يُعقل أن نضع كلاً من المجرم والضحية فى نفس المنزلة؟ وكيف لنا أن نبرر تعرض فتاة للتحرش لارتدائها ملابس غير مألوفة؟!".


وأصدرت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية بيان تدين فيه هذه الواقعة. نص البيان:

تعلن المجموعات والمنظمات الموقعة أدناه عن استيائها الشديد من واقعة التحرش الجنسي الجماعي، التي وقعت داخل أروقة جامعة القاهرة يوم الأحد الماضي 16 من مارس، حيث قام مجموعة من طلاب كلية الحقوق بجامعة القاهرة بملاحقة إحدى الطالبات والتحرش بها لفظيًّا وجسديًّا داخل الحرم الجامعي، إلا أنها تمكنت من الفرار منهم قبل أن يتمكنوا من نزع ملابسها، في مشهد متكرر للاعتداءات الجماعية التي أصبحت نمطًا عاديًّا بمصر خلال السنوات الأخيرة.

تأتي هذه الواقعة كحلقة جديدة في مسلسل فشل الدولة المستمر في حماية حق النساء في التحرك بحرية، وكذلك حقهن في السلامة الجسدية والتحرر من العنف، وذلك بالإضافة إلى تقاعس الدولة المستمر عن الالتفات إلى مثل هذه الجرائم وعدم جديتها في محاسبة الجناة والمتورطين، في ظل غياب للإرادة السياسية اللازمة لحل هذه المشكلة، والاكتفاء بحلول تجميلية ووقتية. هذا وتُحمِّل المجموعاتُ الموقعةُ الدولةَ - ممثَلة في وزارة التعليم العالي- مسئولية محاسبة الطلاب المتورطين في مثل هذا الفعل الشائن أدبيًّا، وإحالتهم إلى النيابة لمحاسبتهم على فعلتهم جنائيًّا، وفقًا لتوصيف الجريمة في قانون العقوبات.

إلا أن العجيب ـ حقًّا ـ في الأمر هو تصريح رئيس جامعة القاهرة الدكتور جابر نصار – لأحد البرامج الفضائية، الذي بدلًا من الانتباه إلى تسرب مثل هذه الظاهرة الخطيرة إلى داخل حرم الجامعة، وهو المكان المنوط به توفير الحماية والبيئة الآمنة للطالبات والطلاب ـ الذي تبنَّي خطابًا رجعيًّا يقدم المبررات للمجرمين ويلوم الضحية، مدعيًّا أنها السبب فيما جرى بسبب ملابسها ـ على حد تعبيره ـ "غير الملائمة". ولم يقف الأمر عند هذا الحد، فقد صرح رئيس الجامعة أن من يثبت تورطه – سواء الطالبة المُعتدى عليها أو الطلبة المعتدون - ستتم محاسبته وهو ما تراجع عنه في تصريحاته للصحافة أمسِ، وعلى حد قوله، سوف يتم اتخاذ الإجراءات الإدارية و القانونية ضد من ارتكب هذه الجريمة، وأرجع نصار تصريحاته السابقة إلى شدة الموقف والارتباك الذي تعرضت له إدارة الجامعة.

إن افتراض أن الفتاة التي تم انتهاكها جسديًّا، هي بشكل ما مسئولة عما وقع لها، ينزع المسئولية عن الجاني ويلقي بها على الضحية، مساهمًا بذلك في استمرار حالة التطبيع المجتمعي مع العنف الجنسي ضد النساء، ومانحًا موافقة الدولة على ارتكاب مواطنيها مثل هذه الجرائم بحق النساء، ليس فقط دون إعمال للقانون بل لَيِّ عنق هذا القانون ليُعاقِب المجني عليها بدلًا من الجاني.

إن موقع رئيس الجامعة ومسئوليته تحتم عليه أن يكون واعيًا بأبعاد مشكلة العنف الجنسي، وبخاصة تجاه الشابات، وأن ينتصر لحق الإنسان في الكرامة بدلًا من الانخراط في محاولة إيجاد مبرر لهذا الوباء المجتمعي، ومن هنا تطالب المنظمات والمجموعات الموقعة، رئيس الجامعة بتصحيح الخطأ عن طريق تطبيق صارم لسياسات ولوائح تكافح التحرش والعنف الجنسي وتوفر الدعم للناجيات والمعتدى عليهن.

ومن ناحية أخرى تؤكد المنظمات على كارثية التغطية الإعلامية لحوادث العنف الجنسي، التي تميل إما إلى التهوِين من شأن هذه الحوادث، أو أن تعمد إلى تناولها كموضوعات للإثارة، أو تبرر للسلطة تخاذلها وتقاعسها وفشلها في حل المشكلة، إلى الحد الذي بلغ بأحد المذيعين أن يصف الفتاة – في الحادثة المذكورة - بالعهر لأن ملابسها لم تكن مناسبة للجامعة وفقًا لتقديره الشخصي.

إن ملابس النساء لا يمكن بحال أن تكون مبررًا لأي انتهاك يلحق بهن، فلا يمكن اعتبار المظهر دعوة إلى ممارسات غير رضائية بحق النساء، في حين أن هذه الممارسات تعد جرائم وفقًا لقانون العقوبات المصري والمعاهدات والمواثيق الدولية التي تلتزم بها مصر.

إن المنظمات الموقعة تناشد السلطات المصرية ضرورة تبني مقاربة شاملة لمواجهة هذه الحوادث والاعتداءات، تقوم فيها الدولة بإصلاح منظومتها الأمنية والمناهج الدراسية لدعم المساواة بين الجنسين وتعزيز قيم الكرامة وحرمة الجسد، وكذلك إطلاق حملة وطنية لتغيير المفاهيم المغلوطة بشأن العنف الجنسي القائمة على فلسفة التعامل مع النساء كمصادر للغواية، واعتبارهن السبب فيما يلحق بهن من عنف وتمييز، وحتى نحصل على قانون لمعاقبة التحرش الجنسي، يجب إعمال القوانين الحالية لمعاقبة المعتدين.[1]

الموقعون:

  1. شفت تحرش
  2. قوة ضد التحرش.
  3. نظرة للدراسات النسوية.
  4. مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب.
  5. حركة ضد التحرش.
  6. خريطة التحرش.
  7. المبادرة المصرية للحقوق الشخصية.
  8. مؤسسة المرأة الجديدة.
  9. مؤسسة البصمة الجديدة للتنمية.
  10. مؤسسة قضايا المرأة المصرية.
  11. تحرير بودي جارد.

طالع/ي كذلك

مصادر ومراجع