شتائم جنسية
تنبع الشتائم الجنسية من تابو الجنس في المجتمعات العربية وتهدف إلى الإهانة والإساءة والنيل من الكرامة الشخصية والتقليل من المكانة الاجتماعية للشخص الذي توجه إليه الشتيمة.
وتنقسم هذه الشتائم إلى شتائم تتعلق بالمرأة مباشرة بهدف كسر هالة "المقدس والمصون" سواء من خلال شتيمة الأم كما في مصر لإهانة الأم المقدسة، أو إهانة الأخت في بعض الثقافات العربية التي تتجذر فيها ثقافة العار والشرف والتي تحملها "عذارى" العائلة بشكل خاص، فتوجه الإهانة بالأخت مثل شتائم "كس أختك" و"أخو الشرموطة" و"أخو العايبة". وشتائم مثل لبوة ومَرَة.
وهناك شتائم بذكر العضو التناسلي/الجنسي للمرأة مثل "كس أمك" والتي تغيب في مقابلها الشتائم بالعضو التناسلي/الجنسي الذكري أو التي تحتوي على ذكر العضو التناسلي/الجنسي الذكري على اعتبار أن الرجل لا يعيبه جهازه التناسلي/الجنسي على الرغم من أنه كان دارجًا وتلاشى مع مرور الوقت لتصبح الشتيمة الجنسية مقتصرة على النساء. إضافة إلى الشتائم التي تتناول النساء بشكل خاص مثل لبوة، ومَرَة، وقحبة، وعاهرة.
وهناك الشتائم التي تحمل تلميحات واتهامات للرجال تشبههم بالنساء (وهي عادة شتائم تتعلق بالميول أو التوجهات الجنسية) وتحمل إشارة إلى أن مكانة المرأة الاجتماعية بشكل عام هي أقل بكثير من مكانة الرجل في هذه المجتمعات، حتى أن التشبه بها أو بصفاتها يعد سُبة وضربًا من ضروب الإهانة. كما تلعب الشتائم الجنسية المتعلقة بالميول أو التوجهات الجنسية دورًا كبيرًا في الإساءة إلى المثليين والحط من شأنهم في المجتمعات الذكورية والمثلوفوبيا (رهاب المثلية الجنسية)، وتعبر عن الرفض المجتمعي لأي شكل مختلف عن النطق التي حددها النظام الأبوي لطبيعة العلاقات الجنسية. وتوجه هذه الشتائم للرجال الغيريين كطريقة لإذلالهم والحط من مكانتهم بأنهم ليسوا رجالًا "كاملين" وتضعهم في مرتبة النساء. ومن هذه الشتائم مثلًا الخول وهو وصف يعطى عادة للرجل الذي يعتبر متلقيًا في العلاقة الجنسية المثلية، وحين يشتم رجل آخر بأنه سيمارس معه الجنس في مؤخرته فهو يقصد الحط من شأنه لأنه سيمارس معه الجنس كما يمارس مع النساء، أي أنه المتلقي، وعادة ما يوصف الرجل المتلقي في المجتمعات بأنه الأقل شأنًا لأنه يفقد ويفشل في إثبات رجوليته.
ومن أمثلة الشتائم التي تحمل تلميحات بتشبه الرجال بالنساء والتي تتعلق بالميول والتوجهات الجنسية: صبي العالمة، و بسكلتة، و خنيث، و شاذ، و متناك، و منيوك، و منَسوِن، و واد يا بتّ، و متني، و بترونة، و طحّان، و فرخ
وينبع الكثير من الرفض لأي توجهات جنسية تتعدى الغيرية الجنسية لأسباب دينية، فمثلًا نرى أن الدين الاسلامي يرفض أن يكون هناك تشبه للرجال بالنساء أو النساء بالرجال حتى على صعيد الشكل الخارجي، فيقال أن رسول الإسلام ذكر أن الله لعن المتشبهات من النساء بالرجال والمتشبهين من الرجال بالنساء وفي رواية لعن الله الرجلة من النساء وفي رواية قال لعن الله المخنثين من الرجال والمترجلات من النساء يعني اللاتي يتشبهن بالرجال في لبسهن وحديثهن. وهناك حديث عن أبي هريرة يقول فيه أن الرسول قال لعن الله المرأة تلبس لبس الرجل والرجل يلبس لبسة المرأة فإذا لبست المرأة مثل الرجال من المقالب والفرج والأكمام الضيقة فقد شابهت الرجال في لبسهم فتلحقها لعنة الله ورسوله ولزوجها إذا أمكنها من ذلك أي رضى به ولم ينهها لأنه مأمور بتقويمها على طاعة الله ونهيها عن المعصية لقول القرآن (قوا أنفسك وأهليكم نارًا وقودها الناس والحجارة) أي أدبوهم وعلموهم ومروهم بطاعة الله وانهوهم عن معصية الله كما يجب ذلك عليكم في حق أنفسكم. ولم يقتصر الأمر على الهيئة الخارجية للرجل أو المرأة، فقد وصل الأمر في بعض ما يتم تداوله على الإنترنت بتحريم استخدام المرأة أو الرجال لوسائل التواصل الاجتماعي باسم يدل على جنس غير جنسه[1].
وفي "باب المتشبهون بالنساء والمتشبهات بالرجال" في كتاب[2] "شرح الحديث، فتح الباري شرح صحيح البخاري" لأحمد بن علي بن حجر العسقلاني والمنشور سنة 1986 يذكر: "فأما هيئة اللباس فتختلف باختلاف عادة كل بلد، فرب قوم لا يفترق زي نسائهم من رجالهم في اللبس ، لكن يمتاز النساء بالاحتجاب والاستتار، وأما ذم التشبه بالكلام والمشي فمختص بمن تعمد ذلك، وأما من كان ذلك من أصل خلقته فإنما يؤمر بتكلف تركه والإدمان على ذلك بالتدريج، فإن لم يفعل وتمادى دخله الذم، ولا سيما إن بدا منه ما يدل على الرضا به، وأخذ هذا واضح من لفظ المتشبهين. وأما إطلاق من أطلق كالنووي وأن المخنث الخلقي لا يتجه عليه اللوم فمحمول على ما إذا لم يقدر على ترك التثني والتكسر في المشي والكلام بعد تعاطيه المعالجة لترك ذلك، وإلا متى كان ترك ذلك ممكنًا ولو بالتدريج فتركه بغير عذر لحقه اللوم."
ثم يقول: "فأما من انتهى في التشبه بالنساء من الرجال إلى أن يؤتى في دبره وبالرجال من النساء إلى أن تتعاطى السحق بغيرها من النساء فإن لهذين الصنفين من الذم والعقوبة أشد ممن لم يصل إلى ذلك."
تطور استخدام الشتائم الجنسية
يرى بعض الباحثين أن الشتائم تمثل أحيانًا شكل من أشكال التنفيس الاجتماعي أو تعويضًا لفظيًا عن رغبة الشاتم في كسر كل ما هو محظور وممنوع. ففي كتاب[3] "حياتنا الجنسية بين الموضوعية والقيمية" نجد الكاتب حسن عبد الرازق منصور يعتبر الشتائم كما الأمثال والنكات والقصص والأغاني جزءًا من التراث الشعبي الشفهي وتمثل شكل من أشكال التعبير عن النواحي الجنسية أو التنفيس عن النفس.
فيما يرى البعض أن الشتائم الجنسية المتعلقة بالمرأة تدخل في إطار فكرة "قذف المحصنات" في الإسلام، فمفردات مثل عاهرة وشرموطة وقحبة ترادف الزانية في القرآن. فيما يعيد البعض تاريخ بداية استخدام الشتائم الجنسية في المنطقة العربية إلى دخول المماليك وتغير الثقافة العامة وصولًا إلى العصر العثماني، حين تراجعت مكانة المرأة وبدأت ثقافة الحريم واقتناء الجواري. فمثلاً في مصر صحيح أن هناك بعض الألفاظ تعود إلى عهد الفراعنة ولكنها كانت تخص فعل الجنس نفسه ولم تمس بالمرأة بشكل عام، أو الأم بشكل خاص.
وفي سنة 1995 صدر كتاب بعنوان "تراث العبيد في حكم مصر المعاصر.. دراسة في علم الاجتماع التاريخي" عن المكتب العربي للمعارف (الكاتب/ة غير معروف واكتفت بوضع ع.ع.)، تقول: "لم يظهر السب والاستهزاء بالعضو التناسلي للأم إلا في العصر المملوكي، وازداد في العصر العثماني وهو مملوكي في صميمه أيضًا، واتسع في عصر الأسرة العلوية" وتفسر ذلك بأن "المملوكي في الأصل لا أسرة له، وهو لا يعرف أباه أو أمه، وليس له سلالة وقد يقرأ في عيون أهل البلاد ما يفيد ذلك، لذلك فهو غير حريص على شرف أهل البلاد أو صحة أنسابهم لأن فاقد الشيء لا يعطيه، وأقرب عضو لتلويث محدثه هو اتهام (كس أمه) أو (كس أخته)".
بينما يرى الكاتب عمرو عزت أن انتشار استخدام الشتائم الجنسية ما هو إلا تعبير عن قهر وكبت اتجاه الجنس ومفهوم مشوه عن أن العلاقة الجنسية بها فاعل ومفعول وبالتالي فإن الطرف الفاعل هو الأقوى والمسيطر والمتحكم بينما الطرف المفعول به هو مقهور ومسيطر عليه، فحتى في العلاقة الجنسية لا ينظر للرجل والمرأة على أنهما شريكين متساويين. ففي عن قبح وجماليات الشتائم الجنسية: إهانة المقهور أم تعرية المقدس؟مقال عمرو عزت مقاله "عن قبح وجماليات الشتائم الجنسية: إهانة المقهور أم تعرية المقدس؟" المنشور على مدونته الخاصة بتاريخ 2009-07-10 يقول عمرو عزت: "ما علاقة الجنس تحديدًا بالإهانة والشتيمة؟ ولماذا يكون مجرد ذكر العضو الأنثوي مقرونًا بالأم إهانة؟ ولماذا تصور معظم الشتائم الشائعة العلاقة الجنسية بأنها بين طرفين أحدهما فاعل وآخر مفعول به مُهان ومحتقر؟ حتى أن بعض الشتائم الجنسية لا تُهين إلا الطرف السلبي أو "المفعول به" في العلاقة المثلية." ويستعرض آراء بعض المتخصصين في علم النفس وعلم الاجتماع ومنهم د. وائل أبو هندي، أستاذ الطب النفسي بجامعة الزقازيق الذي يرى أن انتشار الشتائم الجنسية بشكل خاص تعبير عن "حرمان غير واعي" تجاه العلاقة الجنسية. في حين يرى د. محمد الرخاوي، أستاذ علم النفس بجامعة القاهرة غير ذلك فهذه الشتائم موجودة في مجتمعات تتسم بالتحرر الجنسي فيوضح: "استخدام الجنس في الإهانة لا يرجع لعوامل تخص هذا الشعب أو ذاك، هناك تعميمات في الثقافة الإنسانية تربط فعل الجنس بالسيادة والقوة من جهة الذكر والخضوع والتعرض للاختراق من جهة الأنثى، لذا فهي تُستخدم في الإهانة". ولدى د. حسنين كشك، أستاذ الاجتماع بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية رأي بأن هناك رابط بين الشتائم الجنسية وثقافة التمييز وعدم المساواة سواء على المستوى السياسي أو على مستوى العلاقة بين الجنسين. وأن هذه الشتائم نتاج لثقافة فصامية، لديها ازداوجية في النظر للجنس، فهي من ناحية ثقافة تعاني من أزمة تتعلق بممارسة الجنس نتيجة لمشكلة طغيان العنوسة، فلا ترى في المرأة إلا موضوعًا جنسيًا، ولكنها من ناحية أخرى تفتقد لاحترام المرأة لنفس السبب وتتحرش بها عبر هذه الشتائم.
وكان مسعود شومان مدير أطلس المأثورات الشعبية، قد عكف على محاولة لم تكتمل لإعداد معجم لشتائم المصريين، وتمكن من من جمع وتسجيل 20 ألف شتيمة متنوعة مصدرها الأساسي هو المشاجرات اليومية والكم الكبير من هذه الشتائم كان شتائم جنسية.
في الوقت الحالي تحولت الكثير من الشتائم الجنسية أو الكلمات التي تحمل دلالات جنسية الى مفردات طبيعية في لغة الشباب اليومية دون أن تحمل هدف الشتيمة أو الدلالة الجنسية المقصودة بها كما في السابق، ولم تعد مقصورة على طبقات اجتماعية معينة مثل أحا التي تعني الاعتراض أو الاندهاش ونيك التي أصبحت مرادفًا ل"كثيرًا" مثل زهقان نيك أي زهقان جدًا أي أنها أصبحت تستخدم في وصف القوة أو الشدة أو التأثر أو السخرية الشديدة أو المدح أي يختلف معنى الشتيمة حسب السياق والموقف وطريقة الأداء. ويقول مسعود شومان أنه من خلال ملاحظاته أن "بعض الأصحاب والمقربين، يتبادلون مفردات الشتائم الجنسية في جلسات وحوارات ودية، وكأنهم يمارسون نوعًا من التعري والانكشاف وإسقاط الحواجز والكلفة، وفي هذه الحالة يفارق لفظ الشتيمة جانب الإهانة".
ونرى ذلك في المعاملات اليومية بين الأصدقاء فهناك الكثير من التعبيرات اللفظية التي تحمل دلالة جنسية مباشرة أو غير مباشرة ولا تصنف كشتيمة فمثلاً يمكن أن يقول الصديق لصديقه المقربة "واحشني يا كس أمك" أو "يا ابن المتناكة فينك؟" وذلك من باب الود وليس الإهانة.
الشتيمة الجنسية والإسلام
على موقع الإسلام سؤال، وجواب للاستشارات الشرعية للشيخ محمد صالح المنجد، يجيب الشيخ عن سؤال[4] حول استخدام الرسول لتعبير "أعضوه بهن أبيه" (البعض يفسرها بالمعنى الحرفي أي عض بأسنانك عضو أبيك والبعض يفسرها بمعنى التصق أو الزم عضو أبيك) وقول أبو بكر الصديق "امصص بظر اللات" فيجيب الشيخ إجابة تبين أن العرب في تلك المرحلة كانوا يستخدمون هذا النوع من الشتائم التي تمتد لذكر العضو التناسلي/الجنسي للرجل والمرأة خاصة عندما يتعلق الأمر بتهجم من الجاهليين على الإسلام والعصبية الجاهلية فتستخدم كعقوبة وشكل من أشكال الإهانة والاستخفاف.
ونص الحديث: عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ أَنَّ رَجُلًا اعْتَزَى بِعَزَاءِ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَعَضَّهُ وَلَمْ يُكَنِّهِ ، فَنَظَرَ الْقَوْمُ إِلَيْهِ فَقَالَ لِلْقَوْمِ : إِنِّي قَدْ أَرَى الَّذِي فِي أَنْفُسِكُمْ ؛ إِنِّي لَمْ أَسْتَطِعْ إِلَّا أَنْ أَقُولَ هَذَا؛ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَنَا:(إِذَا سَمِعْتُمْ مَنْ يَعْتَزِي بِعَزَاءِ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَعِضُّوهُ وَلَا تَكْنُوا). رواه أحمد ( 35 / 157 ) وحسَّنه محققو المسند." وكذلك: عَنْ أُبَيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَجُلًا اعْتَزَى ، فَأَعَضَّهُ أُبَيٌّ بِهَنِ أَبِيهِ ، فَقَالُوا: مَا كُنْتَ فَحَّاشًا؟ قَالَ: إِنَّا أُمِرْنَا بِذَلِكَ. رواه أحمد ( 35 / 142 ) وحسَّنه محققو المسند، وصححه الألباني في صحيح الجامع.
ويقول ابن تيمية أن ذكر " هَنِ " الأب هو تذكير للمتكبر بدعوى الجاهلية بالعُضو الذى خَرَجَ منه، وهو " هَنُ " أبيه ، فلا يتمادى وذكر الأم هو تذكير له بأنه باق على أَميتُه. وقد عمل الصحابة بهذه الوصية فقال أبو بكر الصديق لعروة بن مسعود لما جاء مفاوضاً عن المشركين في صلح الحديبية: "فَإِنِّى وَاللَّهِ لأَرَى وُجُوهًا ، وَإِنِّى لأَرَى أَوْشَابًا مِنَ النَّاسِ خَلِيقًا أَنْ يَفِرُّوا وَيَدَعُوكَ " ، فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ : " امْصُصْ بَظْرَ اللاَّتِ ، أَنَحْنُ نَفِرُّ عَنْهُ وَنَدَعُهُ" ، فَقَالَ : مَنْ ذَا ؟ قَالُوا : أَبُو بَكْرٍ . ويفسر الشيخ قائلًا: "كانت عادة العرب الشتم بذلك ، لكن بلفظ الأم ، فأراد أبو بكر المبالغة في سب عروة بإقامة من كان يعبد مقام أمه ، وحمَله على ذلك ما أغضبه به من نسبة المسلمين إلى الفرار ."
تصنيفات | شتائم جنسية | صفحات | [[ابن العايبة]] – [[ابن المتناكة]] – [[بندوق]] – [[خول]] – [[شاذ]] – [[شتائم جنسية]] – [[شرموطة]] – [[عاهرة]] – [[قحبة]] – [[قوّاد]] – [[كس أمك]] – [[لبوة]] – [[متناك]] – [[مَرَة]] – [[واد يا بت]] ابن المتناكة – ابن المنيوكة – ابن المَرَة – ابن العايبة – ابن الشرموطة – أخو الشرموطة – أحّة – بترونة – بندوق – بسكلتة – خول – خنيث – ديوث – شاذ – شرموطة – طحّان – عاهرة – فرخ – قحبة – قوّاد – قُرَني – بِقُرون – كس أمك – كس أختك – لبوة – متناك – منيوك – مَنيَك – متني – مَرَة – معرّص – منَسوِن – واد يا بتّ |
---|