وثيقة:حول مسألة النسوية الراديكالية والنساء كـ"طبقة" مسحوقة
محتوى متن هذه الصفحة مجلوب من مصدر خارجي و محفوظ طبق الأصل لغرض الأرشيف، و ربما يكون قد أجري عليه تنسيق و/أو ضُمِّنَت فيه روابط وِب، بما لا يغيّر مضمونه، و ذلك وفق سياسة التحرير.
تفاصيل بيانات المَصْدَر و التأليف مبيّنة فيما يلي.
تأليف | سارة سالم |
---|---|
تحرير | غير معيّن |
المصدر | المنشور المنتدى الاشتراكي |
اللغة | العربية |
تاريخ النشر | |
مسار الاسترجاع | http://al-manshour.org/node/6739
|
تاريخ الاسترجاع |
|
ترجمة | وليد ضو |
لغة الأصل | الإنجليزية |
العنوان الأصلي | On the question of radical feminism and women as an underclass |
تاريخ نشر الأصل |
النسوية الراديكالية كنوع من النسوية لم أكن مرتاحة بشأنها. جزء من هذا التقييم لأن تحيزي الجنسي يجعلني خجولة من المطالب المتطرفة للغاية، خاصة في مجال العلاقات الشخصية، ومعايير الجمال، وهكذا دواليك. ولكن المسألة الأهم هو المركزية الأوروبية/الأميركية الصارخة التي تجعلها عديمة الجدوى تقريبا في السياق المصري على سبيل المثال. أخيرا، سنحت لي الفرصة لقراءة أحد نصوص النسوية الراديكالية الأكثر شهرة؛ "جدلية الجنس" للكاتبة شولاميث فايرستون. يجب أن أعترف أنها كانت مفاجأة سارة جدا، حتى حين أكد لي النص مشاكلي مع النسوية الراديكالية. من جهة، وجدت العديد من الفوائد داخل النص- من ناحية الوضوح الشديد في تحديد من المسؤول عن النظام الأبوي وبسبب ذلك يستطعن تقديم مطالب واضحة بحيث يمكن للحركات أن تتنظم حولها. كما أنها تحدد أجزاء العلاقات الجندرية في وقت تميل بعض التيارات النسوية إلى عدم التنظير بشأنها بشكل كاف، خاصة مسائل مثل الحب، والعلاقات، وعلم النفس. من جهة أخرى، من الواضح أن هذه النصوص تستعمل المجتمعات الأوروبية والأميركية كقاعدة، وعندما تُذكَر المجتمعات غير الغربية فيتم ذلك عادة للقول إنها "أكثر بدائية" أو أنها تسير في نفس الاتجاه كالأشكال الغربية للنظام الأبوي خاصة عندما تتطور أكثر من ذلك بقليل. بعض الاختلافات الرئيسية التي أراها بين النسوية الراديكالية و"نسوية ما بعد الاستعمار"، على سبيل المثال، هي في الطرق التي تصور فيها الرجال، وطرق تصور العائلة والثقافة. وثمة فرق آخر هو أنه في هذه النصوص الشبيهة لكتاب فايرستون يكثر استخدام فرويد، وهنا سؤال يطرح نفسه حول ما إذا كنا نستطيع تعميم مسألة "النفس النسائي" عبر الزمان والمكان. هذه هي بضعة أسئلة أود التفكير فيها في هذا المقال.
هناك مشكلة كبيرة وجدتها هي المركزية العرقية، التي تصبح واضحة في محطات محددة من النص. أحد الأمثلة على ذلك، هو عندما تكتب كيفية التحول من " النظام الأمومي البدائي كماضٍ" كمثال للزمن الذي لم يكن النظام الأبوي موجودا كان "سطحيا جدا". ثم انتقلت للاستشهاد بسيمون دي بوفوار لتأكيد وجهة نظرها. نقاشها للقوة السوداء فضلا عن التمييز الجنسي للرجل الأسود في أميركا أمر آخر استوقفني. تحليلها الفرويدي الشديد يبدو أنه يخفي بعض الجوانب السياسية والاقتصادية الراديكالية لقضية السود في أميركا. في محاولتها للقول أن "العنصرية هي ظاهرة جنسية" يبدو أنها تؤكد على المسألة الجنسية على حساب العنصرية. وفي حين أنها تثير أسئلة هامة حول السبل التي تربط الرجال السود بالنساء السود، على سبيل المثال، محاولتها الإجابة عن ذلك باستخدام فرويد هو أمر إشكالي.
ثم تعود لانتقاد النساء السود اللواتي لم يتكلمن عن التمييز الجنسي للرجال السود في حركة القوة السوداء، كاتبة: "لماذا النساء السود، العالمات بشأن رجالهن بشكل عام، يتوافقن مع التعالي والحب غير الشخصي وغير الملهم؟" هنا أيضا، بسبب اعتمادها على فرويد وكذلك وجهة نظرها الشمولية التي تضع آراء النساء مقابل الرجال، تبدو فايرستون غير قادرة على تحديد موقع هذه الديناميات داخل البنى الاجتماعية بشكل أوسع. كانت حركة القوة السوداء ضد الهيمنة والوحشية البالغة التي قوبلت بها يجب أن تفسر جزئيا لماذا بالنسبة للنساء السود كانت مسألة التمييز الجنسي معقدة جدا، وبالتأكيد أكثر تعقيدا مما كانت عليه بالنسبة للنساء البيض. يحتاج المرء إلى قراءة مذكرات أنجيلا ديفيس، وإيلين براون وغيرهما من أعضاء حركة الفهود السود لإدراك كم كان مؤلما للتوازن بين دعم القوة السوداء ومواجهة التمييز الجنسي و رهاب المثلية داخلها… فايرستون لم تتطرق إلى أي من هذه الديناميات، والتي تبين نقاط الضعف في الاعتماد على الجنسانية (وفرويد) باعتبارهما الإطار الجامع.
ما أعجبني فعلا في كتاب فايرستون هو النقاط التي أوضحتها بما خص الحب والعلاقات، لأنني أعتقد أن هذه المسائل لم تدرس بشكل كاف ضمن تيارات نسوية خاصة "نسوية ما بعد الاستعمار". فهي تتحدث عن حاجة المرأة المستمرة للحصول على القبول، والطرق التي من خلالها تحيا ثقافة الذكور خارج قوة المرأة العاطفية، وفي الواقع من بين كل علاقة ناجحة هناك 10 علاقات فاشلة ومدمرة فضلا عن الحسد والتملك ضمن العلاقات الحديثة. قبل كل شيء، وجهة نظرها التي تقول إن الحب لا يمكن أن يحصل أبدا عندما يكون انعداما في تكافؤ ميزان القوة ضمن العلاقة، مهمة جدا:
أوافق بأن الحب هو ظاهرة أبسط من ذلك بكثير- يصبح معقدا، وتالفا، ومعطلا بفعل اختلال التوازن في ميزان القوة. لقد رأينا أن الحب يتطلب ضعفا متبادلا وقد ينقلب مدمرا: الآثار المدمرة تحصل فقط في سياق عدم المساواة (ص. 185)
يعتمد هذا القسم بشكل واسع على التحليل الفرويدي. في حين لا مشكلة لدي مع ذلك بحد ذاته، لكنني أعتقد أن التحليل الفرويدي يمكن أن يصبح بعيدا جدا عن المادي- السياسي، والاقتصادي والاجتماعي- ويعتمد بشكل مفرط على النفسي والجنساني (الجنساني كنفسي بدلا من مادي).
في حين تعترف فايرستون بأن غالبا ما يشعر الرجال بالألم أو بالمعاناة لأنهم اجتماعيا غير قادرين على الحب، لكنها لم توضح أن ذلك يوضح كيف أن النظام الأبوي يخلق المعاناة لكل الأنواع الاجتماعية، وليس فقط للنساء. بالإضافة إلى ذلك، في محاولتها لإظهار كيف يعامل الرجالُ النساءَ ضمن العلاقات، كثيرا ما كانت مُعَمِمَة إلى أقصى الحدود. على سبيل المثال حين تكتب: "السؤال الذي يراود بال كل رجل هو، إذا، كيف يمكنني الحصول على شخص أحبه من دون مطالبتها بالتزام متساو بالمقابل؟" لا شك في العديد من العلاقات لا تزال تثار مسألة التزام المرأة أكثر من الرجل، ولكن تعميم ذلك على كل الرجال هو قفزة، ويكشف مجددا النزعة العرقية (بعد كل شيء، هذا هو الحال عبر الزمان والمكان؟). بالإضافة إلى ذلك، عندما يصح ذلك عند الرجال، كيف يمكن التعامل مع مسألة الوعي؟ بعبارة أخرى، أفترض أن هذه الرغبة بالحب من دون التزام غالبا ما تكون موجودة عند الرجال دون أن يكونوا على علم بذلك. هذا هو بالتحديد لماذا النظام الأبوي قوي للغاية، لأن الكثير من هذه الرغبات أصبحت ضمن اللاوعي أو "الحس السليم". كيف يمكن التعامل مع ذلك؟ هل ما زلنا نرى الرجال كمرتكبين فظيعين للتمييز الجنسي؟ أو أن المسألة أعمق من ذلك؟
عموما، بالنسبة لكتاب بات اليوم نصا كلاسيكيا وجدت ما هو مخيب للآمال بعض الشيء لاعتماده المفرط على التحليل الفرويدي. توقعت أن المركزية الأوروبية بسبب الموجة النسوية الثانية التي تشتهر بذلك، ولكن لم أكن أتوقع أنه سيكون هناك الكثير من الاعتماد على فرويد. الكتاب جعلني أفكر كم هو سهل تنظيم حركة حول هذا الكتاب المليء بالتعميمات التي تجعلك غاضبة. وأقصد بالغضب بمعنى إيجابي، لأنني أعتقد أنه على الكتب النسوية أن تكون غاضبة. ولكن هل من الممكن كتابة نص كهذا اليوم، يأخذ بعين الاعتبار شعبية التيار الما بعد حداثوي؟ على الأغلب لا. وربما هذا هو بالضبط السبب الذي جعل من المستحيل، تقريبا، تشكيل حركة نسوية خلال العقود الأخيرة، بعد نشوة الموجة الأولى والثانية للنسوية، والعديد من النقد لهذه الموجات الذي ظهر من التيارات الما بعد استعمارية و الماركسية النسوية بعد ذلك. نحن اليوم خلال لحظة حيث النسوية تقوم بنقد وتتراجع عن الضرر الناجم عن النسوية الممركزة أوروبيا. جاء ذلك كثمن، مع المزيد من الاهتمام الذي يعطى للنقد (لبعضها البعض) أكثر من الامبريالية والنيوليبرالية وغيرها من القوى التي تجتاح العالم.
في الختام، أقدر شيئا واحدا في كتاب فايرستون هو التأكيد على أنها اعتمدت على ماركس في وقت لاحظت أيضا محدوديته عندما يتعلق الأمر بالجندر، فتكتب:
كان ماركس أكثر عمقا مما كان يعلم عندما لاحظ أن العائلة تحتوي داخلها بذور التناقضات التي تتطور في وقت لاحق على نطاق واسع داخل المجتمع والدولة. لأنه ما لم تقتلع الثورة الأسس الاجتماعية الأساسية، والأسرة البيولوجية لن تباد دودة الاستغلال. سنكون بحاجة إلى ثورة جنسية أكبر بكثير من- بما في ذلك- ثورة اشتراكية تقضي على كل النظام الطبقي (ص. 30)
ومع ذلك لم تُظهر كيف يمكن تحقيق ذلك. وكثيرا ما حاججت أن النساء هن طبقة مسحوقة، ومع ذلك، نادرا ما تشير إلى الانقسام العالمي للعمال حيث بعض النساء (البيض، الغربيات) في الواقع هن أكثر قوة من غالبية الرجال. هذا بالضبط السبب بأنه من الصعب التنظير واعتبار النساء طبقة مسحوقة، أو حتى الطبقة المسحوقة المثالية. وربما هنا يكمن الدرس الذي نستخلصه: فايرستون تبين لنا أن النساء لسن طبقة مسحوقة- ولم يكن أبدا. الطبقة المسحوقة تتألف اليوم من الرجال والنساء. أي تيار نسوي يفشل في فهم ذلك، وأنه بحاجة إلى تحليل عدة بنى في نفس الوقت، من غير المرجح أن يكسب أرضية له.