وثيقة:السياسات الجنسية ضمن السياق الاستعماري في فلسطين
محتوى متن هذه الصفحة مجلوب من مصدر خارجي و محفوظ طبق الأصل لغرض الأرشيف، و ربما يكون قد أجري عليه تنسيق و/أو ضُمِّنَت فيه روابط وِب، بما لا يغيّر مضمونه، و ذلك وفق سياسة التحرير.
تفاصيل بيانات المَصْدَر و التأليف مبيّنة فيما يلي.
تأليف | عامر إبراهيم |
---|---|
تحرير | غير معيّن |
المصدر | جدلية |
اللغة | العربية |
تاريخ النشر | |
مسار الاسترجاع | http://www.jadaliyya.com/Details/34823/مُقدّمة-العدد-الثاني-السياسات-الجنسية-ضمن-السياق-الاستعماري-في-فلسطين
|
تاريخ الاسترجاع |
|
قد توجد وثائق أخرى مصدرها جدلية
هذه المادة ضمن ملف خاص تنشره"جدلية" بالتعاون مع مؤسسة القوس الفلسطينية
لطالما تنقّلت المعرفة والمفاهيم الفكريّة عبر الحضارات والجغرافيّات المُختلفة، على غرار البَشر، و"سافرت"، كما يُذكّرنا إدوارد سعيد في مقالته الشهيرة "سَفر النظرية" (Traveling Theory) فالمفاهيم الفكريّة، التي غالبًا ما ننظر من خلالها إلى أنفسنا، و"ذواتنا" ونستعملها كأدوات لتحليل ظرفنا الماديّ، الرمزيّ والفكريّ، إمّا أن تنتقل قسرًا من مَوضع إلى آخر نظرًا لقوّة وهَيمنة "مالكها"، وإما أن تتشكّل كمواجهة للقوى المُهيمنة وردًا عليها، أو أنها، في أحيان نادرة، تنشأ مستقلّة وشاملة في نقدها، متفوقة على دوافع الردّ المعرفي المضاد. وغالبًا ما يكون ترحال المعرفة قائمًا على الالتحام العنيف ما بين الإنتاج المعرفي للسلطة من جهة، وذاك التحرري منها من جهة أخرى. وفي تتبعّنا لترحال المعرفة هذا، ينبغي علينا التفكّر بالسؤال "كيف وصلنا لأن نُدرك ما ندركه اليوم؟"، أو بكلمات أخرى، "ما هي الظروف السياسية، والاجتماعية، والاقتصادية والجسديّة التي كشفت أمامنا معرفة ما، وأية ظروف حجبت عنّا معرفة أخرى؟"، ولربما السؤال الأهم الذي يتبع ذلك، هو "لماذا هذه المعرفة تحديدًا وليسَ غيرها؟".
يأتي العدد الثاني هذا من "السياسات الجنسيّة ضمن السياق الاستعماريّ في فلسطين"، استمرارًا لمشروعنا الذي بدأناه قبل عامين في مؤسسة القوّس للتعدّديّة الجنسيّة والجندريّة في المجتمع الفلسطينيّ، والذي نُشرَ تحت عنوان "السياسات الجنسية والجندرية". وتتابع المقالات الفكرية المنشورة ضمن العدد الحالي النقاش الذي بدأ ضمن المخيّم الأكاديميّ الثاني للتعدّديّة الجنسيّة والجندريّة في أيلول، 2016، والذي شكّل على مدار ثلاثة أيام دراسية فضاءً فكريًا جمع ناشطات وناشطين، أكاديميات وأكاديميين من فلسطين لمناقشة السياسات الجنسانيّة في ظل النظام الرأسمالي والاستعمار الاستيطاني في فلسطين نظريًا وعمليًا. في الحديث عن السياسات الجنسية، عالميًا ومحليًا، نقصد تلك العلاقة الجدليّة بين آليات السيطرة من جهة، واستراتيجيات مقاومتها في الأنساق السياسية والاجتماعية من جهة أخرى. وعند الحديث عن السياسات الجنسية في سياق المجتمع الفلسطيني تحديدًا لا يمكن تجاهل علاقات القوّة، وجدلية السّيطرة والمقاومة بين المُستَعمِر/ة الإسرائيلي/ة والمُستَعمَر/ة الفلسطيني/ة. هذه الجدليّة قائمة بالتّوازي مع عدة تناقضات/ثنائيات تتجلى في محاولات التشبث بثقافة وهوية عربية واضحة ومُبلورة، في مقابل الاستعمار الثقافي الغربي؛ الأصالة والتمسّك بالعادات الاجتماعية والموروث الثقافي المرغوب به مقابل التغيير بنفس الوقت، النظام الأبوي السائد في المجتمع الفلسطيني وتصوّرات نسوية للنضال التحرري؛ كما الهيمنة الاجتماعية والسياسية والدينية في مقابل النضال ضدها. كل هذه التقاطبات وما بينها من تفاعلات تؤثر على حياتنا اليومية وتُشكّل مفاهيمنا، وقيمنا، وممارساتنا المعاشة لجنسانيتنا وادراكنا لأجسادنا.
يضم هذا العدد خمس مقالات فكريّة، في الأول، الذي يحمل عنوان يوتوبيا "اختلاف حيفا" ومحاولة ترويض الجسد الفلسطيني“، تأخذنا الباحثة يارا سعدي في رحلة فكرية نقديّة إلى شارع يافا في مدينة حيفا الفلسطينية، وتطرح سؤال التغييرات في الظروف المعمارية للشارع لتضعنا أمام العلاقة الجدليّة بين تخطيط الحيّز في السياق الاستعماري النيوليبرالي الإسرائيلي من جهة، وممارساتنا وتصرفاتنا فيه، من جهة أخرى. ولفهم هذه العلاقة تحديدًا، وتأثيراتها على هويّتنا وذاكرتنا الجمعيّة والفردية، تتعقّب سعدي التغيّرات وسيرورة المخططات، كما وتستعرض أصوات ومواقف رواد المكان، إلى أن تصل أخيرًا لمناقشة شكل الجسد والأدائية التي تنتج عنه في هذا الحيّز.
في المقال الثاني، الذي يحمل عنوان " كي لا يضيع مفهوم الحرية"، تتناول حلا مرشود الخطاب النيوليبرالي، بحيث تركّز فيه تحديدًا على استخدام الخطاب لأكثر المفاهيم التي نعتقد أنها واضحة وبديهية، وهو مفهوم الحرية. تعيد مرشود مراجعة هذا المفهوم عبر قراءة نقديّة، مقدّمة إياها من خلال استحضار المشهد الفلسطيني، وما يتضمنه من ممارسات إنسانية ونسوية، تحديدًا فيما يتعلق بتأثير الخطاب النيوليبرالي الآخذ بالتصاعد، على الممارسات الجنسانية الاجتماعية والسياسية.
أما المقال الثالث، بعنوان " اقتصاد الشهوات في الرأسمالية المتأخرة: قراءة في السّياق الأمريكيّ والفلسطينيّ"، بقلم هديل بدارنة، يُعيد العوامل الاقتصادية والتحليلات الماديّة إلى صلب التفكير في الانتظام الجنساني تحت الاستعمار، ليسأل، ما هي تأثيرات الرأسمالية على أجسادنا؟ هل تختلف وطأتها على الجسد الفلسطيني كجسد مُستعمَر؟ إلى أي حد؟ وبسياقنا المحلّي، هل تكون للجنسانية الفلسطينية خصوصيّة في ظل الرأسمالية المتأخرة؟. تُقدّم لنا الكاتبة مقالها على مرحلتين; في جزئه الأول تقوم بدارنة في معالجة ماديّة للهويات الجنسية منطلقة من السياق الأمريكي الرأسمالي، لتعود بجزئه الثاني، من خلال ذات العدسة النقديّة، إلى النموذج الفلسطيني، حيث ترصد تشكّلات النمط الأسري والجنساني ضمن نمط إنتاج كولونيالي. بهذا، تقدّم الكاتبة نصًا نقديًا نسويًّا لا يهاب الاقتصاد السياسيّ والماديّة التّاريخيّة بل يخوضهما مساحة للتحدّي وأرضية للتّصعيد.
في المقال الرابع بعنوان " حين تحوّل جسد "حارسة البقاء الفلسطيني" إلى رمزٍ للاختراق الاستعماري الإسرائيلي"، تُقدّم مها إبراهيم قراءة نقدية في إدراك وتمثيل جسد المرأة الفلسطينية في الانتفاضة الأولى. في مقالتها هذه، تبحث الكاتبة في تمثيل جسد المرأة الفلسطينيّة في الخطاب الوطنيّ الفلسطيني كما ساد إبّان الانتفاضة الأولى، وتُشدد على كيفيّة تكريس مفاهيم الخطاب الغيريّ البحت (Heteronormativity) في المجتمع الفلسطيني خلال تلك الحقبة من الزمن، والتي تميّزت بصعود الخطاب الديني وتأثيره الجذري على مُجمل الخطاب الوطني.
أما المقال الخامس والأخير لهذا العدد، والذي كتبته كل من حنين معيكي وبيسان رمضان وهو بعنوان " أدلجة العنف الجنسي والجندري في الدوائر "التقدمية" في فلسطين"، فيتطرق لأشكال وخطابات العنف الجنسي و الجندري الذي يُعاد إنتاجه داخل الدوائر "التقدمية" الاجتماعية والسياسية في فلسطين. تعتمد الكاتبتان في النص على أشكال وصور متعددة من العنف والإقصاء]] لتوجّهات و هويات و سلوكيات جنسية وجندرية كانت قد صادفتهما في العقد الأخير خلال النشاطات المختلفة في أطر وحِراكات تُعنى في مواضيع الجنسانية والتعددية الجنسية والجندرية. من أكثر هذه الأشكال نقاشًا هي الخطابات المستخدِمة لمفهوم التقبّل النيوليبرالي من جهة، وتلك الما بعد حداثية المردّدة لخطاب الهويات الفرعية من جهة أخرى. تنبع الحاجة إلى تحليل هذه الخطابات، بحسب معيكي ورمضان، من ضرورة مساءلة أصول الاضطهاد ووظائفه وأشكاله المختلفة وطرق مواجهته، وتهدف الكتابة حَوله إلى بناء أرضية مشتركة للمضي في نضالنا الجمعي ضد استعمار الأرض، والعقل، والجسد.