وثيقة:تاريخ الهستيريا: كيف يمكن للعلم أن يكون متحيّزا ضد النساء

من ويكي الجندر
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
Emojione 1F4DC.svg

محتوى متن هذه الصفحة مجلوب من مصدر خارجي و محفوظ طبق الأصل لغرض الأرشيف، و ربما يكون قد أجري عليه تنسيق و/أو ضُمِّنَت فيه روابط وِب، بما لا يغيّر مضمونه، و ذلك وفق سياسة التحرير.

تفاصيل بيانات المَصْدَر و التأليف مبيّنة فيما يلي.

نحو وعي نسوي.jpg
تدوينة
تأليف مسيتو ساهي
تحرير غير معيّن
المصدر نحو وعي نسوي
اللغة العربية
تاريخ النشر 2019-10-16
مسار الاسترجاع https://feministconsciousnessrevolution.wordpress.com/2019/10/16/تاريخ-الهستيريا-كيف-يمكن-للعلم-أن-يكون/
تاريخ الاسترجاع 2020-07-07
نسخة أرشيفية http://archive.vn/KGIRM
ترجمة كوثر عزة
لغة الأصل الإنجليزية
العنوان الأصلي The History Of ‘Hysteria’ And How Science Can Be Sexist
تاريخ نشر الأصل 2017-01-18


نشرت التدوينة الأصلية على موقع feminisminindia.com



قد توجد وثائق أخرى مصدرها نحو وعي نسوي




يعرّف محرّك البحث جوجل الهستيريا على أنها “شعور أو انفعال مُبالغ فيه وخارج عن السيطرة”. “الهستيريّة” صفة شائعة، وغالبا ما توصف بها النساء اللواتي يُظهرن أي شكل من الشعور: الغضب، الحزن، والصدمة، غالبا في سياق التقليل من شأن مشاعرهن. لمحة سريعة على تاريخ كلمة “هستيريا” ستقودنا عبر تاريخ مظلم حافل بممارسات إخضاع النساء في القرون الوسطى، وسنرى من خلالها كيف أن هذه الكلمة لا تزال تحمل ذات الدلالة الضمنيّة المتحيّزة ضد النساء.

بعيدا عن الأديان والفلسفات الأخلاقية، المجالات التي يُفترض بها أن تكون موضوعية كالعلم والطب لم تسلم من الذكورية! هيمن الرجال على هذه المجالات منذ بداية نشأتها بسبب خرافة كونهم “أكثر موضوعية” وذوي “حسٍّ علمي” أفضل. لكن، ورغم استمرارهم في التأكيد على الموضوعية، أنتج لنا هذا الإتجاه أبحاثا ودراسات علمية تحتوي على تحيّزات جندرية غابت عنها الموضوعية بفعل المظاهر الذكورية التي لم يفطن إليها العلماء الرجال. الهستيريا نموذج مثالي لإظهار كيف أن الذكورية متغلغلة في لبِّ مجالات يُفترض أنها تتصف بالموضوعية البحتة.

اتهام الرحم

المصطلح “هستيريا” مشتق من الكلمة اليونانية hystera وتعني “الرحم”. وبربط الحالة بالرحم أصبحت مقتصرة حصرا على الجسد الأنثوي. أرجوناوتو ميلامـپـس -مُعالج إغريقي- يعتبر مؤسس أول اتجاه معني بالهستيريا، وقد ضرب المثل بعذارى مدينة آرجو اليونانية، وعَدَّهُن مجنونات لرفضهن الرجال، وأن قلة مرات بلوغ النشوة قادتهن إلى تصرفات مخبولة.

اعتبر أفلاطون الرحم كائنا حيا. أريتايوس اعتبره “حيوانا بداخل حيوان”. دائما ما وُجد ذلك التوق لفهم الجسد الأنثوي بجعله مادة للطب. تم توظيف العلم لتبرير قهر النساء، واعتُبر مصدرا موثوقا لخلق الأدلة على ما أراد المجتمع تصديقه.

أحد أغرب النظريات هي تلك التي وضعها أبقراط بإسم “الرحم المتجوّل”. تبعها ادّعاء أفلاطون أن الرحم -كائن حي- يشعر بالحزن والبؤس في غياب نظيره المذكّر، ويجعله هذا الحزن يتجوّل داخل الجسد بحثًا عن العزاء ما يسبب أعراض الهستيريا. في مقال بعنوان “في نص ما: الهستيريا من أبقراط” كتبت هيلين كينغ عن استخدام تهديد “الرحم المتجوّل” لسلب النساء حرية الإنجاب. بفعل هذا التهديد اضطرّت النساء لإبقاء أرحامهن مشغولة بالأجنّة على الدوام لتجنّب المرض.

اتهام الأنوثة

تأكيدات أرسطو على أن المرأة “رجل ناقص” انتشرت كآراء عقلانية في ذلك الحين، وتطوّرت لاحقا إلى اعتبار النساء كائنات مَعيبة، ومن ثم تحوّلت في سياق المسيحية إلى طرق مختلفة لفهم الأنوثة باعتبارها “فشلا” في بعض الوظائف اللازمة “للعيش الطبيعي”، والقدرة على التحكم بقوى شريرة كالشياطين.

تصرّف آخر تم ربطه بالهستيريا هو مبادرة النساء في العلاقة الجنسية. عُد تعبيرهن الجسدي عن الرغبات الجنسية والشبق لا أخلاقيا، واعتُبرن مريضات بحاجة إلى العلاج. ولمّا كان الرحم هو رمز الأنوثة، بدأت الهستيريا تُستخدم لتفسير ضعف النساء وكونهنّ أكثر عُرضة للأمراض العقلية وأقل قابلية للتشافي. في ذلك الوقت كان اتهام امرأة بالهستيريا يعني بالضرورة كونها مرتكبة لخطيئة عدم الإنجاب.

العلاجات الموصوفة في حالات الهستيريا سلبت النساء حقوقهن الجنسية. الإتصال الجنسي كان أفضل حل للهستيريا بغض النظر عن موافقة الأطراف المعنيّة. بالطبع لم يُنصح بالاستمناء لكونه محظورًا، حيث أن تحقيق النساء لمتعتهن الشخصية بأنفسهن يعتبر ضربًا من الكفر. كان هذا الفعل ليهدد صراحة موقع الرجل المسيطر في العلاقة، ولذلك حُرّمت جميع أنواع الاستقلال، حتى الإيلاج لم يكن مقبولا إلا في أوضاع معينة ترمز إلى الهيمنة الذكورية. روّج المعالجون كذلك خرافة أن للمني خصائص علاجية، وأن وسائل منع الحمل خطر على صحة النساء. تحت جميع الشروط المذكورة أعلاه، إذا لم تستطع امرأة ما تحقيق رغباتها الجنسية فإنها كانت توصم فورا بكونها معرّضة للهستيريا، فما من رجل كان على استعداد للاعتراف بعدم الكفاءة.

اتهام النساء المضطربات

نشأ الربط بين الأنوثة والشر خلال القرون الوسطى. أُضيف “التلبُّس” إلى قائمة طويلة من الأعراض المنسوبة إلى الهستيريا. كان من المسلَّم به أن القوى الشيطانية تتلبس الكائنات الدنيا والحقيرة -النساء مثلا خاصة غير المتزوجات وكبيرات السن، فكونهنّ غير نشيطات جنسيا ولا يخدمن رجلا ما كان ضدَّ كل قاعدة. لهذا السبب لم تصف الوثائق في تلك الفترة هؤلاء النساء كـ”مريضات” بل كـ”مسبب للمرض”.

تتبع مفكّرو ذلك الوقت مفهوم “النساء الشيطانيات” والتصرفات المضطربة لإضفاء المصداقية على الهيمنة الذكورية، وأرجعوا سبب هذه التصرفات إلى الجنسانية وعدم خوض تجربة الحمل. يمكننا ببساطة إيجاد انعكاسات لهذه التصوّرات في حاضرنا ممثلة في الحرية الجنسية والحق الإنجابي، حيث لا تزال النساء المناضلات في سبيل هذه الحقوق يُعتبرن ثوريّات ومناهضات لتراتبية المجتمع.

في بدايات ظهور المسيحية، اعتُبرت ممارسات “طرد الأرواح” علاجا للهستيريا، وحوّلها ظهور الكهنة في العصور المظلمة إلى عقوبات للنساء المتهمّات بارتكاب أفعال مرفوضة اجتماعيا، أو بعبارة أخرى المتهمات بالشعوذة.

اتُهمت حوالي 90% من النساء بالسحر والشعوذة خلال العصور الوسطى، وارتُكبت بحقهن أعمال وحشية تحت مسمى “صيد الساحرات”.

المفاهيم الحداثية وما بعد الحداثية

المزيد من التطورات والتأكيدات في علم النفس ساهمت في تعديل مفهوم الهستيريا. وضّح الأب الروحي لعلم النفس سيغموند فرويد أن الإضطراب النفسي ينتج بالكليّة عن النشاط الشعوري والعمليات العصبية، وليس عن اشتهاء الرحم للنشوة الجنسية. تبع هذا التصريح تناقص حاد في عدد النساء المشخّصات بالهستيريا. لكنها بقيَت قضية تمسُّ النسوية بشكل مباشر. استُغل التاريخ المزوّر للهستيريا في إسقاط مفاهيم ودلائل سلبية على النساء، خاصة خلال حملة المطالبة بحق الإقتراع للنساء.

عام 1908 نشرت لندن تايمز العنوان التالي “لا يحتاج المرء إلى أن يكون ضد حق الانتخاب للنساء”. وجاء في المقال ما يلي: “من الواضح أن أشد المُناصرات للقضية يُعانين الهستيريا. لا نورِد هذه الكلمة في سياق علمي وإنما لكونها الوصف الأكثر شُيوعا لهذه الحَمية الغريبة التي تحوّلت لديهن إلى حماس عُصابي”.

مؤخرا ظهرت توجّهات لتمجيد هذا التاريخ. بدأت الكثير من النسويات بربط تاريخ الهستيريا والشيطنة بالتمكين. اعتقدن أن النسوة المُتهمات بالهستيريا والسحر كن من أوائل المتحديات للوضع التقليدي المُهين للنساء وحاولن اكتشاف البدائل. أخذت كثيراتٌ يُطالبن بـ”منصة الساحرات” الخاصة بهن، كعلامة على القوة والشجاعة.

اليوم، لا تزال الهستيريا مستخدمة للتدليل على أي تصرف جهري صاخب صادر عن امرأة، ودائما ما تتبعه مقولة “كفّي عن التصرف كما لو أنك في دورتك الشهرية”.

في المرة القادمة التي تتهم فيها امرأة بالهستيرية، تذكّر أن الساحرات يُراقبنك.