وثيقة:سياسات الهوية: ما هي الإمتيازات؟
محتوى متن هذه الصفحة مجلوب من مصدر خارجي و محفوظ طبق الأصل لغرض الأرشيف، و ربما يكون قد أجري عليه تنسيق و/أو ضُمِّنَت فيه روابط وِب، بما لا يغيّر مضمونه، و ذلك وفق سياسة التحرير.
تفاصيل بيانات المَصْدَر و التأليف مبيّنة فيما يلي.
تأليف | ع.و. رحمن |
---|---|
تحرير | غير معيّن |
المصدر | مجلة ماي كالي |
اللغة | العربية |
تاريخ النشر | |
مسار الاسترجاع | https://www.mykalimag.com/ar/2018/01/13/سياسات-الهوية-ما-هي-الإمتيازات؟/
|
تاريخ الاسترجاع |
|
ترجمة | عمر ثابت |
لغة الأصل | غير معيّن |
العنوان الأصلي | غير معيّن |
تاريخ نشر الأصل | غير معيّن |
قد توجد وثائق أخرى مصدرها مجلة ماي كالي
خلال الوقت القصير الذي نتشاركه على هذه الأرض، فإننا نتحد أيضا في بعض التجارب المشتركة. فجميعا سوف نولد وجميعنا سوف نموت، وما بينها سوف نضيع. ففي حين أننا كلنا قمنا بأخذ منعطف خاطئ في طريقنا للمنزل -ولو لمرة واحدة على الأقل- إلا أن مقصدي هنا عن “الضياع” هو المفهوم الخاص به.الأسئلة الأنطولوجية أو أسئلة الوجود والكون فهذه الأسئلة كانت مظللة لنا للعديد من الحيوات. ”الهويات هي الروايات الفردية والجماعية والتي تجيب على ‘من أنا/ من نحن’؟ (يوفال – دافيز 2006)” تسعى هذه المقدمة الموجزة إلى معالجة مفهوم الحرية وكيف حاولنا نحن البشر بكل تواضع أن نسبر أغوارها ونستوعب معناها من خلال مدارس فكرية مختلفة عبر الزمان والمكان.
قد تم بحث موضوع الهوية -على مر السنين- في مجالات دراسية متعددة مثل: علم الاجتماع، وعلم النفس، والأنثروبولوجيا، والفلسفة، والعديد من المجالات الأخرى. وببحث بسيط في جوجل عن الهوية ستجد تعريفات مثل “الطابع المميز أو شخصية الفرد”. فالتعريف يبدو بسيطًا بما فيه الكفاية “نحن” من “نحن” لأننا مختلفون عنـ”هم” “هم”. السؤال لا يزال قائمًا وهو كيف نصبح في نهاية المطاف مختلفين أو لنكون أكثر تحديدًا هل نحن مختلفون بالفطرة أو أننا نقوم باختياراتنا التي تصنع الفروقات بيننا؟ فقد أمضى الأكاديميون في الأنثروبولوجيا وعلم الاجتماع سنوات في محاولة لفهم ما إذا كانت الهوية شيء نولد به أو أو أننا نتعلمه أو ما إذا كانت الهوية وسيلة لتحقيق التحرر الاجتماعي أو القمع الاجتماعي (دهل , 1993; جونز, 2012; بتلر 2011;).
بما أن علاقات السلطة هي أساس جميع العلاقات على الأرض، فإن عدم المساواة والظلم لها تأثيرها على الهويات. فمن الناحية التاريخية الذين لديهم تأثير اجتماعي وسياسي واقتصادي وجندري أكبر يسيطرون على المعرفة واللغة، وبالتالي يتحكمون بالهويات و بواقع أولئك الذين لديهم تأثير أقل في المجتمع. بالإضافة إلى ذلك فإن هذه الأقليات تعاني من الأنظمة القوية، الموحدة تحت هوية واحدة مع صراع مشترك، لمكافحة هذه الهوية المهيمنة.
فالحركة النسوية كانت حركة تحررية مشككة في النظام الذكوري المسيطر. فمن خلال نقدها للهويات الجندرية في النظم الإجتماعية، أعادت تعريف ماتعنيه أن تكوني “امرأة”. فعلماء ما بعد الاستعمار شككوا بالأيديولوجيات الشاملة لشمال العالم وكيف تأثر الجنوب وتعرف بشكل كبير بواسطة براعتها الإجتماعية والسياسية والإقتصادية. فإدوادر سعيد يدعي أن ”الإمبريالية عززت خليط الثقافات والهويات على نطاق عالمي. وعلاوة على ذلك ساهم أصحاب النظرية النقدية في المنح الدراسية الاجتماعية والثقافية من خلال طرقهم لكيفية تضافر العرق والسلطة الاجتماعية والهيكلة القانونية مع بعضها البعض.
حتى اليوم لا تزال الإيديولوجيا الليبرالية الغربية القوية مهيمنة على الطريقة التي نفكر بها عن مفهوم الهوية. إن الطريقة التي ننظر بها إلى أنفسنا وكيف نعرفها، مبنية بشكل كبير على الطرق التي حددتها لنا مجموعة أخرى ذات سلطة. يمكننا رؤية هذا الأمر في اللغة المستخدمة لوصف هويتنا المبنية بشكل كبير على المركزية الأوروبية (المتمركزة على أن الثقافة والتاريخ الأوروبيين متفوقة) في المنح الدراسية. فالليبرالية قدمت أهمية الفرد على المجتمع والرغبة الرأسمالية التي تفضل التحضر على الأرياف، قدمت "الأنا" مقابل "نحن". الذات مقابل الآخر. كما يجادل البعض بأن بناء الهوية يمكن أن يكون اقصائيا ويهدف إلى التمييز بين مجموعات مختلفة من الناس بطريقة قمعية. هنالك مثال أخر يمكن رؤيته مع الحركة النسوية الغربية في الستينيات، حيث كانت النساء البيض أول العلماء الذين قاموا بتعيين الطبيعة الأساسية لل”أنوثة”. لقد أرادوا بناء هوية “للمرأة” التي سمحت بوضع تعريف عام لما يعنيه أن تكون امرأة. فالمرأة كانت عبارة عن شخص ولد بمهبل و كروموسومات XX. اليوم هذه الأفكار تحملها نساء يطلق عليهن “تيرفس” وهو اختصار. منظور تيرفس في الهوية الجندرية للإناث كأنها طبيعية و مرتبطة بالأعضاء التناسلية البيولوجية مستثنين عابري/ات النوع الاجتماعي. هذا التعريف لهوية المرأة يأتي من قسم فرعي من الفكر النسوي والدراسات الجندرية ومن تجارب قلة أقوياء أصحاب نفوذ ومن خارج مجتمع عابري/ات النوع الاجتماعي. من الجدير ذكره أن بعض جوانب الهوية ستكون ذات أهمية أكبر من غيرها لشخص ما بالمقارنة مع الآخرين، في أوقات مختلفة في حياتهم من خلال ظروف مختلفة.
الأقليات أو المجتمعات المضطهدة الملونين، أصحاب الإعاقة، الفقراء، مجتمع الميم. يجدون قيمة كبيرة في الهوية وتحديدها (بايرس، 2009). فالناس قد سلطوا الضوء على أهمية مكافحة مثل هذه الثقافة القمعية، من خلال التساؤل عن كيف يمكن لقامعي أن يعرفني أكثر من نفسي؟ كيف يمكن لمجتمع حصل على كل هذه الامتيازات أن يخبرني من أنا؟ فاليوم يسعون لإعادة تبني الهوية في مقابل ظلم العنصرية، والتمييز الجنسي، والطبقية والذين يعانون من رهاب السمنة أو المثلية أو عابري النوع الاجتماعي. لذلك فإن أي هوية حرجة نقوم بتبنيها اليوم تتأثر بعوامل اجتماعية متقاطعة مثل: الجندر والعرق والطبقة والإعاقة والميول الجنسية والدين والعمر والجنسية والصحة النفسية إلى أخره… (أودري لورد، بيل هوكس، باتريشيا هيل كولينز، جلوريا انزالدو، أليس والكر). كما يمكن للهوية أن تكون حافزا للتغيير الإجتماعي عندما تأخذ المجتمعات المضطهدة مهمة تحديد هوياتها. ففي تحديدنا للكوير أو العابري النوع أو المعاقين أو المكتئبين الخ… فإننا لسنا نتخذ موقف ضد الهيمنة فقط -كل الأيدلوجيات القوية والقمعية- لكن نحن نبني تكافلا وترابطا بيننا.
إن دراسة سياسات الهوية معقدة جدا مثل الهويات المتنوعة التي نحملها. فالهوية قد تكون مصدر قوة للضعيف كما يمكنها أن تكون أداة قمع في أيدي الطغاة. فالسلطة تحدد ما إذا كانت سياسات الهوية قامعة لفئات معينة أو مصدر للسلطة لأخرى. لربط سياسات الهوية بالقمع، أؤمن بانه من الضروري تعريف الامتيازات. فالامتياز هو تراكم المزايا و/أو الحقوق الممنوحة لفرد أو لمجموعة تملك هوية مقبولة اجتماعيا. فالإمتياز يأتي في العديد من الأشكال المتقاطعة أو المترابطة: العمر والميول الجنسي والطبقة والدين وما إلى ذلك. بما أن هوية الفرد مصنوعة من هذه العوامل الاجتماعية المتنوعة، فإن امتيازاتهم تختلف كذلك. هذه النظرية الخاصة بالامتيازات المتقاطعة تم تطويرها من قبل كيمريلي كرينشو عندما ادعت أن ”المشكلة مع سياسات الهوية ليست في أنها تفشل في تجاوز الاختلافات -كما يدعي بعض النقاد- بل على العكس أنه كثيرا ما تخلط أو تتجاهل الاختلافات داخل المجموعة. فعلى سبيل المثال يمكن للشخص الذي يتمتع بامتيازات اقتصادية أن يكون محرومًا من نواحي أخرى كالناحية الدينية. هذا الأمتياز بدوره قد يؤدي إلى عدم مبالاتهم بنضالات المتضررين اقتصاديًا.
فقط المجموعات التي تتمتع بامتيازات كبيرة وتمتلك صلاحية الوصول للموارد يمكنها أن تضطهد الأخرى. لذلك الهوية التي تمتلك السلطة هي من تقمع الهوية التي لا تمتلكها. للتوضيح هناك فرق واضح بين القمع المنهجي والتمييز. أعتقد أنه يمكن التعبير عن الأمر هذا بشكل أفضل باستخدام مثال الهوية العرقية والعنصرية. فالعنصرية هي القمع المنهجي لمجموعة بناء على هويتها الإجتماعية العرقية المحددة. فالعنصرية تنشأ من سلطة ديناميكية يستحضر فيها صاحب السلطة نظام القمع ضد الأقل قوة. أمثلة ذلك العنصرية المنهجية الممارسة ضد الأردنيين السود: فمؤخرا مجموعة من الأردنيين أصحاب البشرة السوداء لم يتمكنوا تسجيل جمعيتهم غير الربحية في سجل الجمعيات التابع لوزارة التنمية الإجتماعية بسبب لون بشرتهم. هذا مثال على التهميش المنهجي والاضطهاد والقمع بناء على هوية الشخص (العرقية). التمييز هو معرفة اجتماعية، واعتقاد فردي بالتمييز بين الأفراد أو الجماعات بناء على هوياتهم. الأردنيون من أصحاب البشرة السوداء قد ينظرون لأنفسهم على أنهم متفوقون عرقيًا على غيرهم من أصحاب البشرات الأخرى، لكن هذا لا يمكننا اعتباره إلا نوع من التمييز لأنهم يفتقرون إلى الإمتياز العنصري في سياقهم، بعبارة أخرى لا يمكن اعتبارهم عنصريين. لكن يمكننا اعتبار أي شكل من أشكال التفوق العنصري من أصحاب البشرة الأخرى باتجاه أصحاب البشرة السوداء في سياق القبيلة الأردنية نوعًا من القمع المنهجي، حيث أن الفرص الإجتماعية والسياسية وحتى الاقتصادية غير متاحة للأردنيين الأفارقة.
كردة فعل محتومة للطغيان والتمييز تتبنى المجتمعات المهمشة سياسات الهوية للتصالح مع صراعاتها الشخصية مع التحيز الجنسي و رهاب المثلية والعنصرية و ما إلى ذلك.. فعالمنا محكوم بالسياسة والنضال المستمر من أجل السلطة والسعي نحو المصالح الشخصية. في هذا الكفاح المستمر يقع عدد قليل من المجتمعات كضحايا لهذا العدوان ليجدوا أنه من خلال تضامنهم يستطيعون الدفاع عن أنفسهم. هذه المجتمعات تختار أن تكون هويتهم المشتركة مصدر للسلطة والوكالة والقوة ضد الكيان المهيمن أو الهيكل الاجتماعي الذي يفرض العنف عليهم. التضامن والهوية لم يكونا أبدا وسيلة لإيجاد الإختلافات ولكن لتبين لنا ما الذي يمكنه أن يجمعنا.
في الأردن وكما هو الحال في أي مكان آخر في هذا العالم، موازيين السلطة غير المتكافئة تخلق القمع والتهميش. فأنا أؤمن على الرغم من أن المجتمع المثلي الأردني بشقيه لا يمكنهما قمع مجتمع مزدوجي الميول الجنسية لأن المجتمع المثلي يفتقر للإمتياز والسلطة. مع ذلك قد يكون هنالك نوع من التمييز لكن كلا المجتمعين لا يمتلكان السلطة الحقيقية -بناء على التوجه الجنسي وحده- ليقمع أحدهما الآخر. في الأردن الإختلافات بين هذه المجموعات تكمن في اختلاف هوياتهم المتقاطعة، على سبيل المثال يمكن لعضو من مجتمع المثليين أو المثليات أن ت/يستخدم الإمتياز الإقتصادي أو العرقي لقمع شخص ما يعرف نفسه على أنه مزدوج التوجه الجنسي لكن ليس بخصوص ميولهم الجنسية. فكلا الطرفان مضطهدان بنفس القدر في الهيكل الإجتماعي الحالي، -مضطهدان بناء على هويتهم الجنسية- ولا يتمتعان بأي سلطة نظامية على الأخر.
أيضا من المهم أن نلاحظ أن هويات مجتمع الميم هي حديثة كتصنيف بالنسبة لمجتمعاتنا كهوية كوير أو غيري. فتاريخيًا الناس في هذه المنطقة، لم يعرفوا أنفسهم كمثليين أو مثليات أو مزدوجي التوجه الجنسي. فالتوجهات الجنسية والجندر كانت تمارس وينظر إليها في ظروف محدودة وبشكل غير حاسم. اسأل أي أردني من العامة “ماهو الفرق يين عابري الجندر ومزدوجي الميول أو المثليين؟” أو ماهو الفرق بين العابرات جندريًا ورجل مثلي؟” وأراهنك بأن غالبيتهم لن يعرفوا الجواب. دينامكية السلطة بين أعضاء مجتمع الميم الأردني اليوم لا يستطيعون -حتى الآن- أن يعرفون أنفسهم بتوجهاتهم الجنسية. هم يستطيعون فيما يتعلق بالعوالم المتداخلة الأخرى للهوية مثل العرق والطبقة وفي بعض الأحيان بالجندر، لكنهم لا زالوا محرومين من أن يعرفوا أنفسهم بالتوجه الجنسي على كل المستويات.